عقد المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان جلسةً عادية له في مقر الاتحاد، وبعد مناقشة جدول الأعمال صدر عن المجتمعون البيان الآتي:
يتقدّم المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام في لبنان بتهانيه الصادقة بحلول عيد الأضحى المبارك راجياً الله أن يعيده على جميع اللبنانيين وخصوصاً مسلمي لبنان والعالم بظروف أفضل.
أاولاً : في الشأن الوطني العام وفي موضوع تشكيل الحكومة الجديدة
لان الاتحاد العمالي العام معني بشكل اساسي عن حاضر ومستقبل الوطن والمواطنين . وفي اول اجتماع له بعد تشكيل البرلمان الجديد فان المجلس التنفيذي للاتحاد يدعو جميع القوى السياسية المعنية بالكفّ عن وضع الشروط والشروط المضادة كما درجت العادة فالبلاد لا تحتمل لا أشهر ولا أيام ولا ساعات من الفراغ.
وإذا كانت الناس أمام تحديات الوقوع في المزيد من الفقر والجوع والمرض والإذلال، فإنّ الدولة نفسها أمام تحدّي خطر الانحلال والزوال ولذلك فإنّ أمام الحكومة العتيدة التحدي الأكبر وهو تحدٍّ وطني واقتصادي ومصيري يتعلّق بوضع حد لتأثير التدخلات الخارجية في امور البلد, والعمل على النهوض بالاقتصاد الوطني واستقلاله بتحريره من الهيمنة والحصار والعقوبات الاميركية وتكاتف الجميع من اجل ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
وفي هذا السياق، فان المجلس التنفيذي يدعوالمسؤولين اللبنانيين كافةً الى التمسّك بكامل الحقوق في حقول النفط والغاز فضلاً عن مياهه في المناطق اللبنانية الخالصة وعلى قاعدة الدراسات الفنية اللبنانية العالمية الموثّقة.
والالتفات الى انه لم يسبق في تاريخ البلد ومنذ ما قبل الاستقلال أن أعلن موظفو الإدارات العامة إضراباً مفتوحاً ومحقّاً بسبب أنّ كلّ مداخيلهم لا تكفي للوصول الى دوائرهم ومكاتبهم. ومن تلك التحديات والواجبات الأساسية إنجاز الموازنة وإقرارها كي تفي الحكومة للموظفين والأسلاك العسكرية والأمنية وسواها بموجباتها تجاههم.
كما وفي هذا السياق، يشدّد المجلس التنفيذي على حقّ الاتحاد العمالي العام بالمشاركة في مناقشة البيان الوزاري بصفته الجهة الأكثر تمثيلاً للعمال في لبنان.
ثانياً : في الوضع المعيشي والاقتصادي والاجتماعي
لم يسبق لبلد في العالم ما بعد الحربين العالميتين أن انحدرت فيه الأوضاع في أقلّ من سنواتٍ ثلاث الى هذا المستوى المريع في حياة أبنائه وسكانه.
فالتيار الكهربائي يقارب الصفر وأصحاب المولدات يتحكّمون برقاب ما تبقّى من مشتركين والمياه تزداد شحاً ولا تأتي إلاّ بالصهاريج وبأسعار مدولرة والبطالة أو الهجرة هما مصير الشباب والدواء المفتقد على أنواعه من الصيدليات يأتي مزوراً أو منتهي المدّة أو ساماً وبالسوق السوداء وسرير المستشفى بعيد المنال عن العمال والموظفين وذوي الدخل المحدود والمهمشين على اختلاف أنواعهم ومناطقهم فيما المستشفيات الحكومية شبه معطّلة لألف سبب غير مقنع بينما يتعرّض نقابيوها للاعتداءات، ورغيف الخبز بات يباع في السوق السوداء وبأسعار خيالية لا طاقة للأهالي عليها والتعليم الرسمي في شللٍ تام بينما التعليم الخاص تُسعّر أقساطه أو جزء منها بالدولار ليصبح التعليم مقتصراً على الأغنياء والجهل والأمية نصيب أبناء الأجراء في حين تحرق أسعار المحروقات الفالتة من أي عقال ومعها المواد الغذائية الأساسية من أجبان وألبان ولحوم أرواح الناس.
ثالثاً : في انهيار العملة الوطنية مقابل الدولار
تحوّل قطاع المصارف والمصرف المركزي من وظيفتهما الاقتصادية والتنموية الى دور الرابي على مدى ثلاثة عقود مضت ما أدّى الى انهيار القطاع النقدي والمالي والاقتصادي وقارب التضخم نسبة 90% حسب بعض الدراسات وخسرت الأجور أكثر من 95% من قيمتها الشرائية وازدهرت السوق الموازية بحيث لم يعد يعرف أحد سوى كبار أصحاب الرساميل لماذا يرتفع سعر الصرف أو ينخفض وتختلف الأسعار بين متجر وآخر وتتعدّد منصات الصرف الرسمية من دون مبرّر مالي أو نقدي وتقتصر المعالجات الحكومية بالتفرّج على تعمّق الانهيار وبإطلاق ما يسمّى خطة تعافي اقتصادي ومالي بدت من أول معالمها أنها ليست سوى سلسلة طويلة وقاتلة من رسوم وضرائب جديدة ومباشرة وغير مباشرة على الفئات العمالية والشعبية وخلت من أي حديث عن ضريبة تصاعدية على الأرباح والمداخيل الموحّدة وثروات وأملاك الناهبين وخطة عملية لاسترجاع أموال المودعين المنهوبة والمهرّبة ولا يزال قانون الكابتال كونترول يراوح مكانه بعد أكثر من سنتين في اللجان النيابية المختصة ومعه التدقيق الجنائي الذي اقرّته الحكومة سابقاً.
رابعاً: في موضوع أزمة النقل والانتقال ومطالب اتحادات النقل.
منذ ما قبل الاستقلال كانت هناك أسس واقعية للنقل العام. فكان «التراموي» وحافلات النقل العام (المشترك) وسكة حديد تصل لبنان بالبلدان العربية وخطط طموحة لإنشاء محطات مترو في المدن الكبرى لكن سياسات الخصخصة وضغوط شركات مستوردي السيارات والحافلات والشركات الاحتكارية لاستيراد النفط قضت على تلك الملامح الأساسية لخطة النقل الوطنية العامة.
وأصيب السائقون العموميون بفاجعة حقيقية نتيجة الصراع الذي أدّى الى انتقاله بين الضحايا أي السائقين العموميين والعمال والموظفين والطلاب الخ...
ولم تصل جميع الاتفاقات ولا التحركات التي قامت بها اتحادات قطاع النقل حتى اليوم الى نتيجة بسبب التلكؤ في تنفيذ الاتفاقات واللامبالاة التي حكمت موقف الحكومات من التحركات الضاغطة ما أدّى الى استئناف هذه الاتحادات الدعوة الى تحرّكاتٍ جديدة. وبهذا السياق، يؤكّد المجلس التنفيذي للاتحاد كما في السابق مساندته وتأييده لجميع التحركات التي يقرّرها هذا القطاع.
خامساً : في قرار وزير الاتصالات برفع التعرفة
يعتبر المجلس التنفيذي أنّ قرار وزير الاتصالات ومن ورائه مجلس الوزراء يشكّل مجزرة إضافية ضد غالبية الشعب اللبناني وخصوصاً منهم العمال والموظفين والطلاب والعاطلين عن العمل وسائر أصحاب الدخل المحدود. وإذا كان المجلس التنفيذي يحرص وبكامل المسؤولية على استمرار هذا القطاع، فإنّ ذلك لا يمكن أن يتمّ بعملية سرقة موصوفة وأسعار تعجيزية لقطاع بات حاجة يومية لا يمكن الاستغناء عنها. وقد كان هذا القطاع ولا يزال أغلى كلفة في المنطقة والعالم وبأسوأ أنواع الخدمات. وسيكون للاتحاد موقف تفصيلي وواضح من هذا الموضوع الخطير في وقت لاحق وفي ضوء التطورات.
في النتائج التي أسفرت عن تحركات الاتحاد العمالي العام.
بالتوازي مع دعم وتأييد ومشاركة الاتحاد العمالي العام في التحركات القطاعية لمختلف فئات الأجراء في القطاعين الخاص والعام والمصالح المستقلة والمستشفيات الحكومية والمعلمين والأساتذة الخ... فإلى جانب ذلك، عمل الاتحاد على خط تفعيل الحوار وتسريعه مع مختلف الجهات المعنية داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والوزارات المعنية وخصوصاً وزارة العمل ولجنة المؤشر. وقد استطاع الاتحاد بسعيه الدؤوب من إيجاد نقطة ضوء في هذا النفق المظلم وفتح كوّة في هذا الجدار السميك خلال حوالي شهورٍ ثلاثة الى رفع الحد الأدنى مرتين وكذلك زيادة بدل النقل وكانت المرحلة الأولى مليون وثلاثماية وخمس وعشرون ألفاً وبدل نقل 65 ألف ليرة والثانية 600 ألف ليرة على الحد الأدنى في القطاع الخاص و 45 ألف ليرة كبدل نقل ليصبح 95 ألف ليرة والحد الأدنى للأجور 2.600.000 ل.ل..
كما استطاع إيجاد أرضية مقبولة لاستمرار الحوار المنتج حول تصحيح الأجور من خلال اعتبار وزير العمل اجتماعات لجنة المؤشر مفتوحة ودائمة.
وتجدر الإشارة الى أنّ الزيادات المقطوعة على الأجر دخلت في صلب الرواتب ما يعني تأمين إضافي يبلغ 1600 مليار ليرة سنوياً لصندوق الضمان الاجتماعي بما يمكنّه من رفع مساهماته جزئياً للمضمونين.
بالاضافة الى إصرار الاتحاد الى شمول هذه الزيادات القطاع العام بفئاتهم كافة.
إنّ المجلس التنفيذي للاتحاد إذ يقيّم إيجابياً استمرار الحوار الجدّي والمنتج، فإنّه يجدّد تفويضه لهيئة المكتب باستخدام جميع وسائل الضغط من إضرابات واعتصامات وتظاهرات كلّما دعت الحاجة كسبيل للخروج من هذه الأزمة الطاحنة.