تحليل سريع للمشهد المعقد:
شيء واحد ايجابي في كل ما يحدث ، وهو أن طاقة اسرائيل الاستيعابية على صعيد الزمن ليست بوضع مثالي ، الإسرائيلي على عجلة من أمره وكل فعل يفعله يؤكد ذلك ، وربما في أسوأ السيناريوهات وأشدها سوادآ فإن الحرب في ربعها الأخير
فشل المفاوضات الحالية جعل اسرائيل مضطرة لتنفيذ تهديدها بالعمل البري في جنوب لبنان ، وان لم تؤدي العملية البرية في جنوب لبنان لا لاخضاع حزب الله ولا لتوفير الأمن في الجليل ماذا ستفعل اسرائيل بعدها !؟ ربما السلاح الأقوى الذي تقاتل به قوى المقاومة ليس الباليستي ولا المسير بل سلاح الارادة والمقاومة البرية وجهاً لوجه ....
ربما حالنا في غزة ولبنان متوقف ولكن لسنا وحدنا
حال مستوطني الجليل
حال الأسرى الإسرائيليين وعائلاتهم
حال معظم قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي والبالغ عددهم 350 ألف
حال الملاحة في البحر الأحمر
وكل هذه الملفات وأكثر لن يتم حلها سوى بحل ملف غزة ولبنان وإنهاء الحرب عليهما....
حزب الله أيضآ يستغل كل دقيقة لاحتواء الضربات التي وجهت له ولامتصاص آثارها قدر الامكان ولاعادة ترتيب أوراقه واستخلاص العبر حتى خلال التصعيد المفتوح ، لذلك نجده حتى الآن بوضعية دفاعية باردة تسمح له بالترميم والاستعداد لكل الاحتمالات .....
نتنياهو ينفي الاستجابة لمقترح وقف النار بلبنان وينفي توصيته بخفض الغارات على لبنان بل يؤكد أنه أوصى بتشديدها ، الخارجية القطرية أيضآ تنفي وجود أي جديد بالمفاوضات ، يبدو أن الغرب يلعب مع لبنان نفس اللعبة التي لعبها مع غزة ، الإسرائيلي يتحدث عن أهداف مجنونة في لبنان تتعلق بابعاد الحزب لخلف الليطاني وفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة ، وربما حزب الله يعي كل ذلك ويحاول الاستفادة من الوقت الضائع في سبيل الاستعداد للقادم ....
المشهد معقد لأبعد الحدود ، ولكن الواضح أن قوى المقاومة تدرك التفوق العسكري والاستخباري الإسرائيلي المدعوم غربيآ والضوء الأخضر الذي تملكه اسرائيل بسحق أي شيء أمامها ، لذلك قوى المقاومة اتخذت وضعية دفاعية أمام حجم العدوان الواسع وتراهن على أن هذا الطريق كفيل بتحقيق الأهداف مهما كان حجم الضغط والعدوان على لبنان قاسيآ....
هدف الإسرائيلي اليوم استنزاف المقاومة في لبنان وافقادها أدواتها وقدراتها ودفعها للانكسار والتراجع ، والخروج من الحرب فاقدة لأدواتها ومن منطلق ضعف وانهاك لتغييبها عن المشهد في المنطقة لسنوات بعد ما فعل ذلك بغزة ، وعي المقاومة في لبنان بهذا الهدف يدفعها للتعامل ببرود لمنع الإسرائيلي من تحقيقه قدر المستطاع ، والتركيز على الموازنة بين التعاطي الميداني مع الأحداث وبين الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه ، في نهاية المطاف المنتصر هو من يفرض ارادته وليس من يقتل أكثر ومن يدمر أكثر ، وهذا ما يراهن عليه حزب الله ويضحي من أجله بكل المعادلات .. لأنه يعي أن تمكنه من فرض ارادته في النهاية هو أكبر معادلة يمكن تحقيقها....
اذا دخل حزب الله بحرب شاملة مفتوحة يستخدم فيها كل أدواته فإن المحور بعدها سيكون فقد زخم أهم جبهتين ملاصقتين لإسرائيل وهما غزة ولبنان ، وبعدها لن يكون أمام اسرائيل والولايات المتحدة مانع لاكمال عملياتهما في سوريا والعراق واليمن ومن ثم ايران وفرض اتفاقات تسوية تقوض المحور لعقود والعودة للاستفراد بغزة ، لذلك عندما نقول أنها حرب وجودية فهي حرب وجودية ، وعندما نرى هذا الحجم من الحذر من مختلف قوى المقاومة في المنطقة بالتعامل مع الأحداث علينا أن نتفهم أن التحدي هائل وصعب والمخاطر وشيكة ، ولو لم تكن الحرب لصالح الإسرائيلي لما استثمر بها بهذا الشكل ولما أصر على استكمالها خارج فلسطين بعد عام كامل من الحرب ....
علينا أن نأخذ نفسآ ونراقب بتوكل على الله وبهدوء ، لطالما كنت نقادآ ، ولكن في هذه المرحلة ليس مطلوبآ سوى الثقة والمراهنة والتحلي بالصبر....
الجيش الإسرائيلي يؤكد مجددآ بأن عملياته مستمرة و بأنه لا ينوي وقفها قبل انسحاب حزب الله بشكل كامل إلى ما بعد الليطاني ، هل هذا يعد شكلآ من أشكال نوايا اسرائيل تغيير الواقع المحيط بها والمعادي لها لكسر حلقة النار التي تمتد وتتنامى حولها ! بالتأكيد نعم ولكن هل ستنجح اسرائيل في تغيير شكل المنطقة الجيو سياسي لصالحها !؟ أعتقدت من عامين هنا أن اسرائيل ستجرب كل شيء على أمل النجاح بتغيير شكل المنطقة الجيوسياسي لصالحها لأنه بهذا الشكل يحمل أخطارآ وجودية عليها مستقبلآ ، النتائج في النهايات ولكن حتى الآن الارادة والتضحيات التي تبذلها قوى وشعوب المنطقة تشير الى أن اسرائيل لن تنجح ولكن هذا لن يثنيها عن المحاولة واستنفاد كل الأدوات ....
ربما ما عاناه اللبنانيون هذه الأيام لا يقل عن ما عاناه الغزيين في بداية الحرب ، نزوح سيرآ على الأقدام لعشرات الكيلومترات ، غلاء أسعار واحتكار واستغلال ، مجازر في كل مكان واكتظاظ مشافي ، ضغط نفسي هائل ، علينا كإعلام محلي وغير محلي أن ندخل مرحلة جديدة من التغطية تتعامل مع الشهيد الفلسطيني واللبناني والمصاب الفلسطيني واللبناني والنازح الفلسطيني واللبناني بنفس التركيز....
لبنان بما نزفته استحقت التوأمة مع غزة ومع فلسطين....
لا زال حزب الله يملك رفاهية اطلاق رشقات تحوي 40 و80 صاروخ على مستعمرات صغيرة جدآ وغير مهمة أو على مدن ثانوية ، وذلك يحمل دلالة واضحة ، لو كان الحزب يعاني من نقص ذخائر لما أطلق مئات الصواريخ على أهداف ثانوية اليوم وأمس ولاحتفظ بها لأهداف أهم....
✍🏻و.ض