الـ”Drone”.... او ( ام كامل ) باللغة اللبنانية الشعبية حشرة تلاحقنا من السماء!

الـ”Drone”.... او ( ام كامل ) باللغة اللبنانية الشعبية حشرة تلاحقنا من السماء!

 



في عالم الحروب الحديثة، تتطوّر الأسلحة وتتغيّر الأدوات، إلا أن الطائرات من دون طيار، أو ما يعرف “بالدرونز”، فرضت نفسها كإحدى أكثر الوسائل العسكرية هيمنة وإثارة للرعب. في غزة ولبنان، تجاوزت هذه الطائرات مجرّد كونها أدوات لتنفيذ الضربات الدقيقة، لتصبح كالحشرات المزعجة تطارد المدنيين بصوتها المستمر والمقلق، لتعكس حالة دائمة من الخوف والترقّب، وباتت رمزاً للتهديد اليومي الذي لا يرحم، وتجسّد حرباً نفسيّة لا تقل قسوة عن الهجمات الفعلية.


لم تكن الطائرات المسيّرة، التي أصبحت اليوم سمة مميزة للحروب، معروفة في البداية إلا كتقنية مدنيّة، لكن مع اندلاع الحروب الكبرى، مثل الحرب الروسية على أوكرانيا، اكتشف العالم حجم تأثير هذه الطائرات على ساحات المعركة، كونها شكّلت ميدان اختبار حقيقي لتقنيات الطائرات المسيّرة، حيث اعتمد الجيشان على هذه الطائرات في عمليات قصف متقدّمة، وتجسّس، واستهداف دقيق للأهداف. كما عزّزت حرب غزة، التي اكتسبت خصوصيات ميدانية ومعقّدة، من استخدام هذه الطائرات بشكل مكثّف، فاستحالت جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات القتال في المناطق الحضرية، حيث تواصل تأدية دورها بفاعلية وسط ظروف صعبة.


مهام إستراتيجية


تستفيد إسرائيل بشكل خاص من هذه الطائرات في عملياتها العسكرية، حيث تستخدمها لأغراض متنوّعة تشمل التصوير والمراقبة واستهداف الأهداف بدقة متناهية، ويمكنها أن تحلّق على ارتفاعات ضخمة تصل إلى 45,000 قدم، وتستمر في الجو لمدة تتراوح بين ساعات عدة إلى يوم ونصف، كما أنها تستخدم لتأدية مهام معقّدة كإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد للأنفاق وتحديد مسارات دقيقة، ما يعزّز قدرتها على التكيّف مع بيئات ضيّقة.


وفي هذا السياق، يؤكد الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، العميد خالد حماده: أن هذه الطائرات لا تقتصر مهامها على التصوير والتعقّب للأهداف، بل تشمل أيضاً عمليات استهداف مباشرة. ويضيف أن الطائرات الصغيرة من دون طيار تمتاز بقدرتها على إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد للأنفاق، فضلاً عن تكيّفها مع المساحات الضيقة، كما يمكنها أن تنشئ شبكات اتصالات تحت الأرض، ما يمنحها قدرة مذهلة على استهداف مواقع استراتيجية بدقة.


حرب نفسيّة


لكن هذا التفوق التكنولوجي على مستوى المعركة العسكرية لا يأتي من دون ثمن. فبينما تهيمن هذه الطائرات على الأجواء وتؤثر بشكل جوهري في سير المعارك، فإنها أيضاً تترك آثاراً مدمّرة على المدنيين في المناطق التي تشهد الصراع. فصوت الطائرات المسيّرة، الذي يشبه رفرفة حشرة غير مرئية، يسبّب اضطرابات نفسيّة لدى السكان، الذين يعشيون تحت تهديد دائم، حيث لا تكاد تمر لحظة من دون أن يشعروا بوجود الطائرات المسيّرة في سمائهم. ورغم أن الهدف الأساس لاستخدامها هو استهداف المجموعات المسلّحة، إلا أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر والأكثر قسوة، لتتحول هذه الطائرات إلى عدو خفي، لا يرحم ولا يميّز بين مقاتل ومدني، فالعقول تظل مشغولة بالإنتظار، والقلوب تغرق في مشاعر القلق والترقّب، ما يؤدي إلى إرهاق نفسي وعاطفي يتجاوز تأثير الضربات العسكرية.



إرسال تعليق

أحدث أقدم